سيد العاشقين

الخميس، 24 مارس 2016

مقال بقلم الشاعر بين المتمرد والواقع بقلم الشاعر المبدع بشري العدلي

مقال ( الشاعر بين التمرد والواقع)
بقلم / بشري العدلي

إن عالم الشعر والأدب مليء بالعوالم الغامضة التي يعيشها الشاعر و المبدع ، حيث هناك برزخ قائم بين حياة يحياها وأخرى يحلم بها ، والشاعر المبدع قريب من تلك الغرفة المضاءة و هي التي يعتبرها أداة تعبيره و إبداعه و هي الكتابة ، مستمتعا بالمعاناة التي يعانيها من الانحدار الروحاني ، يبحث عن لهيب النار و لو أحرقه .
إنه يسير على جمر النار ليزرع بساتين الأمل و التفاؤل و الأحلام في بيئة جرداء من الخضرة والماء ، يحارب أعداء الشمس و الحرية ، لا يخفض رأسه ولا يذل نفسه لليالي الحالكات، ومهما كثر محبوه ، أو كثرت نجومه ، فإنه يحترق بروحه المتوهجة ، المتمردة دائما على الواقع ليبحث عن عالم أوسع واجمل ، عالم الحب و الضياء و النقاء ، إنه دائما يكره أن يتدثر بعباءة التقليدية والشيء المعروف الواضح ، لكنه يحلم بالتحرر من كل ما هو مألوف و طبيعي و طاهر و يحترق بوحدته مع ذاته و مع الكون ، يعاني آلام الغربة النفسية والجسدية في سبيل تحقيق غاياته النبيلة حتى لو لاقى الكثير من المتاعب و المصاعب . 
إن الشاعر المبدع كثيرا ما يلقى من تجاهل ولا مبالاة و عدم اعتراف به و بما يقدمه من أعمال ، لأن العامة لم يعتادوا الخروج عن المألوف ، لكن الشاعر المبدع يدرك أن سر إبداعه و تفرده يكمن في الخروج عن المألوف ، و التحليق في آفاق الخيال فالشاعر طائر غريب بين قوم لا يفهمون كلمة واحدة من لغة النفس الجميلة ، يتألم و يتعذب بلهيب غربته عن العالم الذي يعيش فيه ، و قد يتهمه الناس بالأنانية و التعالي و الغرور لكنه أبعد الناس عن ذلك لأنه يسعى لقيم تبني في الروح صفاء و نقاء تسمو بالنفس و تحررها من قيود القيم البالية المستهلكة التي اعتادها الناس و المبدع يشعر بالراحة و السكينة متى امتدت إليه يد حانية تطرق باب عزلته بهدوء ، تقاسمه أحزانه ، و عنف فرحته شريطة ألا تقيد من حريته و إبداعاته ، حتى يعبر إلى عالم أكثر رحابة و اتساعا و هو عالم اللاوراء من أجل البحث عن الخلود والمجد ، فهو يأبى كل فكر يشوش الفكر والعقل ، و يلوث المشاعر والأحاسيس ، إن الشاعر في عزلته يفكر في عوالم أخرى من المثالية والأحلام الجميلة التي يراها داخله ، و تعلنها حروفه و كلماته ، والعزلة هنا ليست بمعزل عن الواقع الذي يعيشه الشاعر فعليه أن يلتصق بهذا المجتمع و يتعايش معه نابضا بروحه و قلبه ، يشاركه الأفراح ، يفضل حياة مزينة بجمال الكلمة و صفائها و نقائها لتخلد في حضن التاريخ' إننا في حاجة لتقدير الشاعر المبدع لأنه يصهر ذاته من أجل أن تخرج كلمته النقية إلى النور ' فهو يشعر بعدم التقدير من المجتمع في ظل تسليط الإعلام على أصحاب الفن الهابط الذين شوهوا أخلاقيات المجتمع فهل هذه هي العدالة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق