( تفسير سورة الكوثر )
بقلم د .فالح الحجية
بسم الله الرحمن الرحيم
(انا اعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * ان شانئك هو الابتر *)
الحمد لله :
سورة الكوثر هي اقصر سور القران الكريم فيها ثلاث ايات بينات. وهي سورة مخصوصة بحق النبي محمد صلى الله عليه وسلم فالله تعالى يخاطب فيها حبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم :
( انا اعطيناك الكوثر ) والكوثر هو الخير العميم او الخيرالكثير أي اعطاه الله تعالى النبوة والرسالة والكتاب ( القران الكريم ) والعلم والهدى والخلق العظيم وانتشار دينه ( دين الاسلام ) في الافاق في الارض والسماء بين الانس والجن وباقي المخلوقات. وتفضل الله تعالى على هذه الامة امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فجعلها خير الامم وجعل علماءها لا يجتمعون على ضلالة وان اجتماعهم حجة مهما مر الزمان وتقادم وجعل ذكره صلى الله عليه وسلم الذكر الحسن والاثر الطيب في كل مكان وزمان يثاب ذاكره وتزداد حسناته . وقيل ان الكوثر نهر في الجنة اعطاه الله تعالى الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحوضه من اوسع الاحواض واسناها وافضلها فقد ورد عن انس بن مالك :
(ان النبي صلى الله عليه وسلم اغفى اغفاءة خفيفة فرفع راسه مبتسما اما قال لهم واما قالوا له : لم ضحكت يارسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال اني نزلت علي آنفا سورة فقرا ( بسم الله الرحمن الرحيم انا اعطيناك الكوثر... حتى ختمها قال : اتدرون ما الكوثر؟ قالوا : الله ورسوله اعلم . قال : هو نهر اعطانيه ربي عز وجل في الجنة وعليه خير كثير ترد عليه امتي يوم القيامة . ) وعن صفة هذا النهر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ.) وفي حديث اخر ( الكوثر نهر في الجنة يجري على الدر والياقوت ماؤه اشد بياضا من اللبن واحلى من العسل . وانيته بعدد نجوم السماء من شرب منه لا يضمأ ابدا ) .
اما الاية الثانية ( فصل لربك وانحر ) وتعني مخاطبة الله تعالى لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ان يخلص في عبادته وعمادها الصلاة ويجعلها خالصة لله تعالى لما تفضل عليه من الخير والنعم وما اعطاه بما فيها ( الكوثر ) ويجعل صلاته لربه العظيم وحده وان يجعـل ماينحر من الذبائح او الاضحيات في يوم النحر او في غيره خالصة لوجه الله تعالى وليس لغيره وعلى القائم بالنحر استقبال القبلة عند النحر فالله هو الذي اسبغ على الحبيب المصطفى نعمه ظاهرة وباطنة وقيل هي التوجه نحو القبلة في الصلاة و رفع اليدين اثناء التكبير . وقيل سأل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( ماهذه النحيرة التي امرني بها ربي ) فقال جبريل عليه السلام : ( ليست بنحيرة ولكنه يامرك اذا تحرمت للصلاة ان ترفع يديدك اذا كبرت ) ولطالما الله تعالى مهتم بشؤونك يا محمد ( صلى الله عليه وسلم) فصل لربك سائر الصلوات المكتوبة اوالنافلة وانحر الاضاحي في موعدها أي في عيد الاضحى المبارك اي صل ثم انحر الاضحية بعد صلاة عيد الاضحى هذه بشارة خصها الله تعالى للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم له ولامته فضلا من الله واحسانا منه .
اما الاية الثالثة ( ان شانئك هو الابتر ) والابتر هو المنقطع عن الخير والعمل الصالح او المنقطع الذكر . وشانئك تعني مبغضك او عدوك كائنا من كان فهو مقطوع ذكره من خير الدنيا وخير الآخرة وقد حقق الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في شانئيه او مكرهيه في زمنه ما يستحقونه من الخذلان والخسران، ولم يبق لهم إلا سوء الذكر . ا
اما الحبيب المصطفى محمد ( صلى الله عليه وسلم )- فليس منقطع ذكره فهو ينبوع الحكمة والفضيلة ورسول الرحمة للانسانية ترد عليه كل النعم وعلى مدى الدهور وليس بمنقطع منها شئ وتنزل عليه وعلى كل من اتبعه سبل السلام باحسان الى يوم القيامة .
وقد قال الامام الحسن السبط رضي الله عنه :
(عنى المشركون بكونه أبتر: أنه ينقطع عن المقصود قبل بلوغه، والله بيّن أن خصمه هو الذي يكون كذلك).
وقيل في سبب نزول هذه السورة المباركة ان العاص بن وائل السهمي كان واقفا بباب المسجد الحرام فمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان ولده القاسم قد مات ولم يبق له ولد ذكر فاستوقفه وتكلم معه ولما دخل العاص الى المسجد سالوه اصحابه صناديد قريش ورجالها عن من كان يتكلم معه فقال لهم :
ذلك الابتر أي المقطوع الاثر
وقال : دعوه فإنه رجل أبتر لاعقب له فإذا هلك انقطع ذكره،
فأنزل الله تعالى هذه السورة المباركة تطيبا لروحه الشريفة .
اللهم ربنا صل وسلم على حبيبك المصطفى نبيك محمد الذي أعليت ذكره، وأذللت شانئه، صلاة تبقى ما بقي الدهر وسلم تسليما جميلا .
وقد وجدت اختلافات وتأويلات بين المفسرين في هذه السورة المباركة كثيرة لم اجدها في غيرها. وهذا مااستلهمته من هذه السورة المباركة .
والله تعالى اعلم .
اميرالبيان العربي
د. فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
*************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق