سيد العاشقين

الأحد، 24 أبريل 2016

رواية -وشاءت الأقدار*** – بقلم جمال ابراهيم



رواية -وشاءت الأقدار – بقلمى جمال ابراهيم
نظرت متأملة من حولها وتركت المكان – لقد كان بالأمس القريب محل لقاء وهمس تحفه رقة مشاعر ونعومة بصوتها تضفى على لمساتها روعة وجمال – ليلى تتجه لمنزلها وفتحت باب شقتها واتجهت حيث يجلس والدها إنه رجل كبير كان جالساً على كرسى يقرأ جريدة بيده فقبلته وذهبت إلى حجرتها بخيلاء ودلال – ودخلت حجرتها وأغلقتها بإحكام وشرعت فى خلع ثيابها وقبل أن تغير ثيابها إنقطع التيار الكهربائى وأصبحت الحجرة ظلام دامس – فتحسست موضع فراشها واستلقت على ظهرها – فانطلق شعاع فكرها وسط هذا الظلام يسترجع السالف من السنين والأيام – إنه جلال الوحيد الذى ترك بصمات غائرة فى النفس لا تمحوها الأيام – قامت من فراشها وتحسست موضع جلوسها باحثة عن حقيبة يدها حتى عثرت عليها -- أخرجت كشاف صغير وجدته لا يعمل – السكون يخيم على المكان فإذا بوقع أقدام تتجه نحو حجرتها – إنها تسترق السمع وذهبت ناحية الباب – لتتأكد من إغلاقه جيداً– ثم ذهبت تتحسس موضع ثيابها – إنها تريد أن تستر جسدها – استطاعت ليلى الحصول على الثياب بشق الأنفس تحت جنح الظلام الدامس – وما أن تهيأت للرجوع إلى فراشها جاء التيار الكهربائى وأضاءت حجرتها – فأكملت ليلى إرتداء ثيابها – وخرجت تستطلع الأمر – فوجدت خالها يتسامر مع والدها – لقد كان فى الحمام لحظة دخولها من الخارج – فذهبت إليه مبتسمة قائلة : أهلاً يا خالى – فضحك قائلاً : ذهبت أتحسس فى الظلام لأراكى عندما أخبرنى والدك بقدومك فخشيت أن تذهبى للنوم قبل أن أراكى – ثم استأنف حديثه قائلاً : فرجعت متحسساً موضع قدمى عندما وجدت السكون يخيم على المكان – نظرت إليه ليلى مبتسمة كانت ابتساماتها تبدو قناع لوجه أخر – إنها تنطق بصوت الوجدان قائلة : وقع الأقدام لخالى ليتها كانت للشخص اللى فى بالى ثم أدارت وجهها بحدة ذاهبة إلى شرفت حجرتها – تاركة خالها مع والدها ليلعبا الطاولة كعادتهما – إنها شاخصة بنظرها إلى المارة على ضفاف الطريق المقابل لشرفتها – فإذا بالهاتف المحمول يرن – الو سوسو أخبارك فردت سوسو قائلة : الحمد لله ثم عاجلتها سوسو قائلة : أتدرين أين أنا الآن ؟ أنا فى المكان الذى ذهبتِ إليه ثم انصرفتى منه من حوالى ساعة ونصف – ثم استأنفت سوسو حديثها قائلة : قالوا لى ليلى كانت هنا وتركت المكان وما أن لبست فيه حتى خرجت مسرعة – أومأت ليلى برأسها قائلة : فى الكافى شوب – ثم استأنفت حديثها قائلة : أجل سوسو لقد تذكرت خطيبى جلال فذهبت مسرعة إلى منزلى لعل أجد هاتفه بمخيلتى واقع – فعاجلتها سوسو قائلة : حالتكِ أصبحت صعبة لابد أن تعرضى نفسك على دكتور – أومأت ليلى برأسها ثم أشارت إلى قلبها قائلة لها : أتدرين ماذا فعل بهذا القلب وهذه الروح وهذا العقل وأخذت تعدد مواطن شجنها – لقد انخفض صوتها رويداً رويداً وفجأه قالت ليلى : سوسو لحظة وأرجعلك – إنه جرس الباب -- ذهبت ليلى بإتجاه الباب مسرعة تسبقها خطواتها – وفتحته فإذا بأحلام بنت عمها – فعانق كليهما الأخر وقبلتها وذهبتا إلى حيث يجلس أباها وخالها صلاح – فسلمت عليهما أحلام ثم إصتحبتها ليلى إلى شرفت حجرتها ثم أكملت الحديث مع سوسو قائلة لها سوف أنهى معكى المكالمة الآن بنت عمى أحلام جاءت عندنا نكمل الحديث فى وقت أخر وأنهت المكالمة معها ثم أردفت إلى أحلام قائلة : ماذا يشرب الجميل ؟ قالت أحلام : اسمعى ما عندى أولاً– عندى خبر سيفرحك كثيراً– عاجلتها ليلى قائلة : لقد بلغ الشوق مداه – آت ما عندكِ – نظرت إليها أحلام وهى تبدى بملامحها بعض الدلال قائلة : لقد تقدم لى عريس – ثم تبسمت وعقب ابتسامتها تعالت الضحكات وأشرق وجه ليلى مبتهلة بهذا الخبر قائلة : ألف مبروك وقبلتها ثم إصتحبتها داخل حجرتها قائلة لها : قصى لى باستفاضة ما حدث نظرت إليها أحلام ثم أردفت قائلة : هو إنسان وسيم مثقف رومانسى واسمه جلال – تغير وجه ليلى للحظات ثم استأنفت حديثها قائلة لها : جلال ؟ ثم صمتت قليلاً لقد شرد فكرها وتذكرت حديث دار بينها وبين أحلام فى بداية خطوبتها لجلال عندما أخبرت أحلام إنها ستترك جلال لمشادة حدثت بينهما --- إنها تتذكر رد أحلام جيداً عندما قالت لها : إذا تركتيه وتقدم لى سأقبله فوراً -- ثم أفاقت ليلى من شرودها وسألتها عما كان يحبها ؟ نظرت إليها أحلام قائلة : أكيد نلت الإعجاب وإلا لماذا تقدم لى ؟ فابتسمت ليلى قائلة : مبروك ألف مليون مبروك – ولكن هالة من المشاعر غشيت ليلى عندما ذكر اسم جلال – فبدت كأن أشياء بداخلها تريد أن تعرفها من أحلام ولكنها فضلت الصمت – ثم نظرت ليلى إلى أحلام قائلة لها : أنا مخنوقه فلنذهب إلى النادى – ثم ذهبت إلى والدها تخبره بذهابها هى وأحلام إلى النادى ثم قامت بالإتصال بسوسو لتخبرها بذهابها إلى النادى من أجل أن يلتقوا هناك – ثم ارتدت ليلى ثيابها الأنيقة وخرجت باصتحاب أحلام ممسكة بيدها – ثم أغلقت باب الشقة وذهبت بإتجاه الأسانسير – وما أن وقفتا أمامه حتى انقطع التيار الكهربائى – فنزلت ليلى على السلالم مسرعة تعقبها أحلام – حتى وصلت إلى الشارع وركبت سيارتها الحمراء – وجلست أحلام بجوارها قائلة لها : لماذا تركتِ يدى فى الظلام ؟ كنت خائفة كاد يصيبنى الرعب – فلم تعطى ليلى لما قالته أحلام بالاً وكأنها لم تتحدث معها – وانطلقت بالسيارة مسرعة حتى وصلت إلى النادى وجلست بجوار حمام السباحة – وما هى إلا دقائق حتى حضرت سوسو – وبدأ الحوار بينهم وتعالت الضحكات – وبعد إنتهاء جلستهم وقضوا وقتاً ممتعاً استرجع كل منهم الذكريات – ثم قامت سوسو بالانصراف تاركة ليلى وأحلام – أبت ليلى إلا أن تقوم بتوصيل أحلام إلى منزلها بسيارتها – وفى الطريق تحدثت أحلام مع ليلى فى ظروف مجئ العريس ومن أتى به وكل الأشياء التى لم تستطيع القول بها فى وجود سوسو – وبعد ما قامت ليلى بإيصال أحلام إلى منزلها شرعت بالرجوع عائدة إلى منزلها هى الأخرى – لقد اقتربت من الوصول – وما أن وصلت حتى ركنت سيارتها ونزلت منها – إنها تخطو نحو مدخل منزلها – فإذا بصوت البواب ينادى – أنسة ليلى – ثم ذهب إليها مسرعاً وأعطاها خطاب – نظرت إليه مستفسرة -- قائلة : ما هذا ؟ نظر إليها ثم أردف قائلاً جائنى شاب وأعطانى هذا الخطاب وطلب منى أن اقوم بتسليمه إليكِ وانصرف – نظرت ليلى إلى الخطاب ثم أردفت بصوت الوجدان قائلة : من هذا ؟ وما الذى يحتويه هذا الخطاب ؟ وصعدت إلى شقتها مسرعة – لقد كان والدها يجلس وحيداً– لقد تركه خالها وانصرف – سلمت ليلى على والدها ودخلت حجرتها وجلست على فراشها ناظرة إلى الخطاب كأنها تترقب كل كلمة فيه عن شغف – فتحته – إنه جلال – لقد لفت نظرها شئ هام – إنه بتاريخ قديم – منذ سبعة أشهر من تاريخ وصوله – لقد شغلها هذا الأمر – إنها تحدث نفسها بصوت الوجدان : كيف ؟ إن أخباره أنقطعت منذ ما يزيد عن اربع سنوات – وهل من المعقول أن يكون هذا الخطاب فى يدى اليوم – لم يكن فى الخطاب جديد ولم يغير من الأمر شىء – ثم أردفت قائلة بصوت الوجدان : لما مكث هذا الخطاب فى يد المرسال كل هذا الوقت – اربع سنوات كاملة او يزيد ؟ – ولماذا لم يقابلنى لأعرف منه مكان جلال ؟ ولماذا غاب وانقطعت أخباره ؟ وأخذ عقل ليلى يطرح أسئلة ليس لديها إجابة عليها -- إنها تعلم حقيقة الجرم الذى إرتكبته فى حق نفسها عندما دعت خطيبها جلال لزيارتهم فى غياب والدها وانقطع التيار الكهربائى وحدث ما حدث مما ترك فى نفسها شرخ وتمزقات فى النفس وهواجس تنتابها حتى أصبح انقطاع التيار الكهربائى مصدر من مصادر الألم الشديد لما له من ذكرى قاسية تجنى ثمارها كل لحظة بعد غياب الحبيب وانقطاع أخباره – إنها تدرك جيداً أن خلاصها الوحيد من كل ما تعانى منه من هواجس وآلام يكمن فى عثورها على خطيبها جلال – ثم قامت ليلى من فراشها بإتجاه المرآة وأخذت تنظر إلى نفسها وكأنها لها كارهة – فأصبحت ليلى المجنى عليها تكره ليلى الجانية – إنها تتملقها بقسوة تريد أن تنتقم منها – ثم انتابها انفعال شديد ورجعت إلى فراشها مسرعة وأجهشت بالبكاء ثم ذهبت فى نوم عميق – مع إشراقة يوم جديد قامت ليلى من فراشها وأعدت الأفطار ثم بدأت بالقيام بأعمال المنزل المعتادة وما إن أنتهت منها جلست تفكر فى أمر الخطاب الذى وصل بالأمس حتى أنهكها التفكير – نظر إليها والدها ثم أردف قائلاً لها : نفسى أشوفك فى بيت زوجك قبل ما أموت - لقد كان لتلك الكلمات وقع الزلزال عليها حطم كيانها فجعلها تتمزق ألماً مما دفعها للذهاب إلى حجرتها وانكفأت على نفسها فى حالة نفسية يردى لها – عندما أفاقت مما هى فيه فكرت فى الخروج من المنزل للترويح عن نفسها – ولكن إلى أين ؟ وسرعان ما هداها عقلها للذهاب إلى بنت عمها أحلام – إنها تنتظر قراءة فتحتها – إنه يوم الخميس القادم ولم يتبقى سوى يومين – قامت ليلى بالذهاب إلى والدها واستأذنت فى الأمر – فوافق على أن تمكث عند عمها إلى يوم قراءة الفاتحة – بدأت ليلى فى تجهيز ملابسها ووضعها فى حقيبتها – وما أن فرغت حتى أرتدت ملابسها وأشارت إلى والدها بالذهاب فتبسم لها قائلاً : باركى لأحلام وأخبريها أن عمكِ يقول لكِ ألف مبروك – وانطلقت ليلى بسيارتها من مصر الجديدة فى إتجاه حى الحسين – إنه من أعرق الأحياء به عبق التاريخ – وما أن وصلت حتى أصابتها الحيرة – إين تضع سيارتها ؟ لا يوجد مكان مناسب لوقوف السيارة – الشارع الذى يقطن فيه عمها ضيق لا تستطيع أن تضع فيه سيارتها – فأوقفت السيارة ونزلت منها لعل أحد يرشدها إلى مكان تركن فيه السيارة – فأذا بفتاة ترتدى ملاية لف جسدها صب فى قالب أنثوى مثير ترتدى خلخال فى قدمها تسير بخطوات تتفجر أنوثة ودلال – لقد شدها منظر هذه الفتاة إنها لم تراه من قبل سوى فى الأفلام القديمة – استوقفتها وهى راغبة فى محادثتها – سألتها عن مكان تضع فيه سيارتها – نظرت إليها الفتاة قائلة : ممكن أضعها لكِ أمام محل العطارة وأشارت إليه ثم أردفت قائلة : إنه محل والدى – فتبسمت ليلى قائلة : أنا أريد أن أضعها لمدة يومين – فضحكت الفتاة قائلة : ليس أمامك سوى مكان واحد سوف أدلكِ عليه وقامت بالنداء على صبى من محل والدها من أجل أن يذهب مع ليلى إلى هذا المكان – فشكرتها ليلى على هذا ثم استأنفت قائلة : أتعرف على اسمكِ – فضحكت قائلة مهجة – نظرت إليها ليلى قائلة : أكيد سوف نكون أصدقاء – وانطلقت ليلى بسيارتها ومعها الصبى – فقام الصبى بإرشادها إلى ساحة صغيرة – وتم وضع السيارة – ورجعت ليلى سائرة على الأقدام فى إتجاه منزل عمها – كانت أحلام تعلم بقدوم ليلى إنها تنتظرها – كانت أحلام تتجه إلى شرفت منزلها لتتطلع أمر وصولها –إنها قادمة إنها تنظر إلى أحلام تعلو وجهها ابتسامة وسرعان ما دخلت ليلى المنزل ذهبت أحلام مسرعة فى إتجاه الباب من أجل استقبال ليلى وفتحته – وتلاقتا بالعناق والقبلات ودخلت ليلى وسلمت على عمها وزوجة عمها وجلست مع الجميع يتسامرون فى أمر العريس – وفى المساء طلبت ليلى من أحلام الخروج سوياً للتجوال فى حى الحسين فرحبت أحلام بالفكرة وخرجت أحلام مع ليلى – كانت ليلى تنظر إلى البتارين لمحلات الصاغة ربما تفكر فى اقتناء شىء منها أو شراء هدية لأحلام تقدمها لها – وما أن لمحت ليلى محل العطارة حتى تذكرت مهجة فذهبت أمام المحل ناظرة داخله – فإذا بمهجة من وراء ظهرها تقول لها : أنا هنا وليس بالداخل – وتعالت الضحكات بينهما – ثم عاجلتها مهجة قائلة : أنتم ضيوفى الليلة – وأخذت ليلى وأحلام للجلوس على القهوة قائلة لهما : إنها ليست كبقية القهاوى روادها من الرجال والنساء وذهبت بهما وأجلستهما – أخذت ليلى بطرف الحديث وكأنها تريد أن تعرف كل شىء عن مهجة – نظرت إلى مهجة ثم أردفت قائلة : أريد أن تحدثينى عن نفسك فتبسمت مهجة قائلة : أنا بنت الرجل الطيب اللى واقف فى محل العطارة – ولى أخوة بنين وبنات – دلال أختى المتزوجة – وفؤاد أخى الصغير لازال يدرس – وأخى الكبير أحمد متزوج ثم استانفت قائلة : واليوم سوف يأتى عندنا – إنه يأتى متأخر دائماً وضحكت – نظرت إليها ليلى قائلة : وأنتِ أكيد سوف تتركينا عندما يأتى ؟ نظرت مهجة إلى ليلى وتبسمت ثم أردفت قائلة : أمام أخى ساعتين على الاقل ثم استانفت قائلة منزلة بعيد وإشارات المرور صعبة – ولكن اطمأنى سوف أجلس معكما الوقت الكافى – ثم استانفت حديثها قائلة : أخى كان سيأتى بالأمس ولكن حظكم أن يأتى اليوم حتى لا أجلس براحتى فضحكت ليلى وأحلام – نظرت ليلى إلى أحلام قائلة : ما الذى منعه أن ياتى أمس كنا جلسنا مع مهجة اطول وقت – تبسمت مهجة قائلة : كان معه خطاب يريد أن يوصله إلى صاحبه – تلك الكلمات التى تلفظت بها مهجة لم تمر مر الكرام بالنسبة لليلى – فعاجلتها مستفسرة أى خطاب هذا ؟ قالت مهجة : أخى كان مسافر ورجع منذ أسبوعين وشخص سلمه خطاب ليوصله هذا كل ما فى الأمر – لقد وقف عقل ليلى عن التفكير – لقد أصابتها الحيرة والذهول – إنها تريد أن تتمالك نفسها تريد أن تنظم تفكيرها – إنها تعلم لو أن هذا الخطاب هو نفس الخطاب الذى أتى لها أمس تكون وضعت يدها على أول الخيط الذى يوصلها لجلال – ما طرق على سمعها جعلها تفكر كيف تقوى علاقاتها بمهجة حتى تعلم أمر هذا الخطاب – وبعد برهه من الوقت قامت ليلى وأحلام بالذهاب إلى المنزل تاركين مهجة التى هى الأخرى تريد أن تذهب إلى منزلها لاستقبال أخوها أحمد – إنه قادم هو وزوجته – وما أن وصلت ليلى منزل عمها حتى استرخت على الفراش تفكر فى الأمر – إنها تنتابها حالة من الشغف لتخطى الأحداث والوصول إلى معرفة الحقيقة – أين يوجد جلال ولماذا انقطعت أخباره ؟ كان قلبها يشعر أن أخوا مهجة هو المرسال الذى أتى لها بالخطاب أو هكذا كانت تتمنى – ولكن السؤال الذى طرق على ذهنها هو كيف تصل إلى حقيقة الأمر ؟ وما هى الطريقة والوسيلة الصحيحة ؟ إنها تريد أن تضع لمعانتها نهاية – ما حدث لها سبب لها جرح غائر لا يداويه الزمن ولا تمحوه الأيام – شىء واحد يضعها أمام بوابة الأمان هو أن تجد جلال ويتزوجها – دخلت أحلام على ليلى فأنقطع حبل تفكيرها – كانت أحلام تحمل الشاى وبعض الكيك وقدمته لليلى – وأخذت بطرف الحديث قائلة : أتصل بى العريس وأخبرنى بقدومه غداً هو ووالده وأخته – نظرت إليها ليلى قائلة : ألف مبرورك – واسترسلت أحلام فى الحديث عن العريس وليلى ناظرة إليها وحاضرة بنصف عقلها والنصف الأخر هناك عند مهجة وحقيقة الخطاب الذى أوصله أخوها – وهل هو نفس الخطاب الذى معها ؟ كانت أحلام مستغرقة فى الحديث عن العريس وما سوف يحدث يوم قدومه – وما أن أنهت أحلام حديثها حتى قامت ليلى وأخذت الوسادة فى حضنها نائمة تفكر فى حالها حتى غشيها النوم وفى الصباح بدأت ليلى وأحلام فى تحضير ما يتطلبه هذا اليوم من مستلزمات – كان خروجهما موفق فى استجلاب كل المتطلبات اللازمة لهذا اليوم – بدات ليلى فى التفكير عن وسيلة تستطيع بها أن تقابل مهجة مرة أخرى – ربما الاسترسال فى الحديث معها يوصلها إلى شىء بخصوص الخطاب – ولكن انتهى اليوم دون حدوث ذلك – وجاء يوم قراءة الفاتحة – وبدأت أحلام فى الاستعداد وارتداء أروع الثياب لديها – الساعات مرت والعريس على الأبواب – لقد قدم ومعه والده وأخته فاستقبلهم والد أحلام بترحاب شديد – وما أن اتفقوا على كل شىء حتى بدأت مراسم قراءة الفاتحة – وفور قرائتها تعالت الزغاريط فى المكان – جلست ليلى جانباً والمشهد يكتمل ملامحه امامها – ما ظنته جلال فى بادئ الأمر لم يكن بينهما سوى تشابه فى الأسماء – ولكن مجرد ما ذكر اسمه كأنه صب ماء نار على جرح عز على نفسه الإنغلاق – وما أن انتهى هذا المشهد السعيد وانصرف العريس ومن معه قام والد ليلى بصتحاب ليلى للرجوع إلى منزلهم – وما إن وصلت دخلت حجرتها وجلست مع نفسها تفكر فى الأحداث التى واكبت المشهد الأخير من حياتها –وخصوصاً من لحظة وصول الخطاب من خطيبها جلال ماراً بقراءة فاتحة أحلام – ولكن ما استوقفها وأثار فى نفسها بعض الألم هو إنجراف مشاعر الأب ليرى ابنته فى مثل هذا الموقف السعيد – لقد عاش والدها حياته كلها من أجلها – فكان بالنسبة لها هو الأب والأم – إنه لا يطمح فى أكثر من أن يرى ابنته عروسة يصتحبها بنفسه إلى بيت زوجها – لازالت الأفكار تنصب كالشلال على ذهن ليلى لقد انتابها حالة من الحنين تجاه والدها إنها تريد أن تقترب منه كما كان فى السابق – إنها كانت مغرمة بالحكايات التى يقصها لها وخصوصاً ما يسمعه وهو جالس على القهوه كانت بها بعض الطرائف التى تعجبها – كانت ليلى تقرأ والدها قراءة جيدة وتعلم فيما يفكر وكيف يفكر – إنها كانت تدرك ما يدور فى خلده – وفى تلك اللحظة إنتاب ليلى شعور بأن تقفز فوق الأحداث وتقترب من والدها أكثر فأكثر – لقد أهملته فى الثلاث سنوات السابقة – أفاقت ليلى من شرود ذهنها واتجهت نحو والدها متدللة قائلة : أبى كنت فى السابق تحكى لى ما طرق إلى سمعك من حكاوى وأنت جالس هناك فى القهوة – ثم نظرت إليه مؤكدة فقالت : من غداً أريد السماع – نظر إليها والدها مبتسماً وأشار إليها بالموافقة – فرحت ليلى كثيراً وأرادت أن تذكره بالسالف من السنين عندما كانت تناديه كما ينادونه أصحابه على القهوة قائلة له : موعدنا عندما يحل المساء يا عم حسن وأتبعتها بضحكات كانت من القلب ثم رجعت إلى حجرتها وعاودت ما هى فيه من شرود ذهن – كان والد ليلى رجل كبير يحتاج بعض الأهتمام – ولكن وقوع ليلى تحت هذا الضغط العصبى طيلة المدة السابقة كان حائط صد ضد هذه الرغبة إنها كانت تخشى النظر فى عينيه وهى تعلم إنها ارتكبت جرم لو علمه لقضى عليه – ولكنها الأن عازمة أن تحطم هذا الحائط وتقترب أكثر من والدها – كان اليوم بالنسبة لليلى يوماً حافلاً بالأحداث التى تسيطر على تفكيرها إنها فى بؤرة شعورها – تلك الأحداث خففت من حدة التفكير فى حالها وجو السعادة الذى ملأ المكان كان ملطفاً لآلامها التى تتعايش معها دون أن يشعر بها أحد – ولكنه لم يزيل أثر المرارة التى لم تفارقها من لحظة وقوع هذا الحدث – الذى عصف بها ومزقها وجعلها أشلاء وبقايا إنسان – الآن تريد أن تقترب من حنان الأب لتشعر بالأمان وتقوى على مجابهة هذا الخضم من سيناريوا اختفاء جلال وانقطاع أخباره –ولكن ما أستجد من أحداث جعلها أيضاً تتجه بتفكيرها إتجاه مهجة واخوها أحمد فكأن الخطاب الذى حمله أحمد عصا موسيقار يحرك تفكيرها ليعزف سنفونية شجن – مرت ساعات الليل وفى اليوم التالى رن الهاتف المحمول – كانت سوسو تطلبها من أجل أن تقص لها ما حدث فى قراءة الفاتحة إنها كانت متشوقة إلى الأخبار كانت ليلى كعادتها ترسم ابتسامة على وجهها لا تعبر عن واقع حالها – هكذا كانت تبدو وهى تتحدث مع سوسو فى الهاتف المحمول – لقد أخبرتها إنها سوف تقص لها كل شىء عندما يلتقيا فى النادى – وفى المساء قابلت ليلى سوسو –وجلستا سوياً وقصت لها كل ما دار بينها وبين أحلام – وقصت لها موضوع عريس أحلام – ثم استطرقت للحديث عن مهجة وذكرت موضوع الخطاب – كانت سوسو تعلم أن أمر رجوع جلال بالنسبة لليلى شىء فى غاية الأهمية ولكنها لا تعرف السبب الحقيقى لذلك كانت تعلم أن أهميته لها تكمن إنها تحبه فهو خطيبها وحبيبها الذى لا تستطيع الاستغناء عنه – وستظل تبحث عنه طول العمر – نظرت ليلى إلى سوسو قائلة : سأتصل بمهجة الأن – قامت ليلى بالأتصال بمهجة للأطمئنان عليها – فأخبرتها مهجة إنها تحمل هموم ما وصل إليه حال والدها -- وأنهت ليلى المحادثة – وجلست مهجة تفكر فى مخرج لوالدها إنها تتحدث بصوت الوجدان قائلة : لماذا لم يتخذ أبى من الإحتياطيات ما يمنع حدوث ذلك ؟ لقد تراكمت عليه الديون وفوائدها – مبلغ كبير من المال لابد أن يدفعه وإلا سيتم الحجز عليه – إنها ديون بضاعة كانت تستحق السداد – كانت حالة البيع فى الفترة السابقة فى ركود – مما أدى إلى نشوء الأزمة – تلك الأزمة كان يعيش تفصيلها أفراد الأسرة مما كان له مردود سلبى على مزاجية مهجة – لازالت تفكر كيف يخرج والدها من عثرته – وعلى الجانب الأخر قامت ليلى وصديقتها سوسو بالانصراف من النادى وأتجه كل منهما إلى طريق منزله – كان عم حسن لازال فى القهوة مع أصدقائه يلعب الطاولة ويستمع لما يقصونه من أحاديث – أما مهجة فكانت مستغرقة فى التفكير فى أمر والدها وفجأة رن جرس الهاتف المحمول – إنها سلوى صديقة مهجة ووالدها تاجر كبير وصديق والد مهجة – كانت سلوى تريد أن تطمئن على مهجة لأنها كانت تعرف من والدها ما وصل إليه حال والد صديقتها مهجه – وكانت أيضاً تريد أن تخبرها بقدوم والدها وبعض التجار بزيارتهم – كان الحديث بينهم طويلاً– ولكنها كانت محادثة تبعث على الأطمئنان وتبشر بالخير – بعد انتهاء المحادثة ذهبت مهجة مسرعة إلى والدها لتخبره عما سمعته من سلوى – فوجدته يعلم – لقد أخبره والد سلوى وصديقه الحاج عيد – جلست مهجة مع نفسها تفكر فيما سوف تؤل إليه هذه الزيارة وهل سيحدث انفراج للأزمة التى أطلت عليهم واصابتهم بالقلق والحيرة ؟ وعلى الجانب الأخر عم حسن يرجع إلى منزله فيجد ليلى قد سبقته إليه – إنها تنتظره ليقص عليها كما وعدها – نظر والدها إليها ثم أردف قائلاً : اعلم أنكِ تتشوقين للحكاوى – نظرت إليه ليلى قائلة : نعم ابتاه ثم جاءت إليه ليلى مسرعة – وأخذ والدها فى سرد ما وصل إلى مسمعه من حكاوى وطرائف شيقة – وعلى الجانب الأخر قام الحاج حسنى بالاتصال بابنه أحمد ليكون حاضر معه لاستقبال التجار – ومرت الساعات والحاج حسنى فى انتظار قدومهم فى أى لحظة — لمحت مهجة قدومهم من شرفت حجرتها – ذهبت مسرعة إلى والدها تخبره – استعد الحاج حسنى وابنه أحمد لاستقبالهم – طرقات على الباب – فتح أحمد الباب وتقدم الحاج حسنى واستقبلهم بالترحاب واصتحبهم إلى حجرة الزوار – تقدم بالحديث الحاج عيد قائلاً : لقد اتينا لنقف بجانبك ونمد لك أيدينا ولا نتركك وحدك فى هذا الموقف – ثم استأنف قائلاً : لابد أن نكون يد واحدة ونساعد بعضنا بعض فى الأزمات – نظر إليه الحاج حسنى ثم أردف قائلاً : أنتم أخوة لى وربنا يدوم بيننا المعروف – فقاطعه الحاج عيد قائلاً : لقد اتصلت بى الحاجة سامية وكانت تسأل عنك وطلبت منى ومن بقية التجار أن نقف بجوارك – وطلبت منى أن اجتمع بهم لنبحث لك عن حل – فقلت لها كنت افكر فى ذلك – وبالفعل اجتمعت بكل التجار الذين يعرفوك – فكان اجتماعى بعشرة من التجار وجلسنا نبحث الأمر ونضع حلول – فى بداية الأمر كنا نفكر أن نجمع لك المبلغ ويكون دين تسدده على فترات نتفق عليها – ولكن هذا الرأى لم يعجب الحاج بدوى – لقد كان له وجهة نظر أخرى – كان لا يرى فى هذا الفعل حل بل إبدال دين بدين – كان يريد أن يحل لك المشكلة من جذورها فكان رأيه أن نشترى البضاعة التى فى المخازن لديك وكل واحد من التجار يأخذ حصة ويدفع ثمنها وعلى أن يكون الشراء بسعر سوق الجملة الأن وليس بالسعر الذى أخذتها به – حتى يتوفر لك هامش ربح من الفرق بين السعرين – أصل الدين ستسدده ثمن البضاعة وهذا الفارق سيساعدك على تسديد فوائد الدين – وستبقى البضاعة التى فى المحل تقوم ببيعها بسعر التجزئة حتى تقف على قدميك من جديد – تبسم الحاج حسنى وأشرق وجهه ثم أردف قائلاً : لا أعلم ماذا أقول لكم أنتم أخوة لى وفاضت عينيه بالعبرات – نظر إليه الحاج عيد قائلاً : وحد الله يا حاج حسنى جميعنا أخوة ولابد أن يقف كل منا مع الأخر فى الشدة ولم نعمل سوى الواجب الذى يحتمه علينا ضميرنا والأخوة والمحبة بيننا – ثم هم الحاج عيد بالوقوف ثم أردف قائلاً : سيأتى لك غداً من كل تاجر مندوب يحمل البضاعة – ثم أشار إلى الحاج بدوى فأعطاه الحاج بدوى حقيبة بها المبلغ المطلوب سداده فأخذها الحاج عيد وأعطاها للحاج حسنى قائلاً له : هذا ثمن البضاعة – اذهب سدد المبلغ غداً– وبعد وصول البضاعة إلى التجار سوف نعلم ثمنها بدقة لو لك شئ سوف نعطيك أياه ولو لنا سنصبر عليك لحين ميسرة – ثم عانقه وقبله قائلاً له نستودعك الله وهموا بالانصراف – كانت مهجة فى الخارج تريد أن تعرف ماذا تم ولكنها توارت لحين خروجهم --- لقد ذهب الحاج حسنى وابنه أحمد لتوصيلهم – وبعد رجوعهم استقبلتهم مهجة على الباب قائلة لهم : ماذا حدث أريد أن اطمئن – فقص لها أخوها أحمد ما تم فى هذه الجلسة – فأنشرح قلب مهجة لما توصلوا له من حل – قامت مهجة بالاتصال بليلى لتخبرها بانفراج أزمة والدها – فبدت علامات السعادة على ليلى – محدثة نفسها بصوت الوجدان قائلة : كان هماً وأسدل الستار عنه – ثم قامت بالمباركة لمهجة وما أن أنهت مهجة المحادثة مع ليلى حتى سمعت ليلى صوت والدها يناديها – ليلى – ليلى – ذهبت ليلى إليه مسرعة قائلة : نعم يا أجمل أب فى الوجود – نظر إليها ثم أردف قائلاً : أريد أن أحادثكِ فى شىء مهم – قالت له وكلى آذان صاغية – فقال : ما رأيكِ أن أشترى لأحلام حجرة النوم – ثم استأنف حديثه قائلاً : أخى موظف ودخله محدود – نظرت ليلى إليه قائلة : وهذا الأمر محتاج رأى طبعاً موافقة – نظر الحاج حسن لليلى ثم هم قائماً وأشار إليها أن تخبر عمها بقدومهم الخميس المقبل – قامت ليلى على فورها بالاتصال بأحلام وأبلغتها بقومها هى ووالدها الخميس القادم – وما أن أنهت المحادثة حتى اتصلت بمهجة تخبرها إنها تريد أن تتحدث معها فى أمر – أرادت مهجة أن تعرف فكرة عامة عما تريد أن تتحدث عنه – فقصت لها موضوع الخطاب – واخبرتها إنها سوف تأتى يوم الخميس القادم لزيارة أحلام وسوف تستغل وجودها عند أحلام بالقيام بزيارتها – وسوف تصتحب أحلام معها – تبسمت مهجة قائلة : أخى أحمد سوف يأتى إلينا يوم الخميس القادم هو الأخر وهذا من حسن طالعكِ – وسوف أمهد لكِ هذا الأمر – فرحت ليلى عندما علمت أن أحمد سيكون متواجد فى هذا اليوم –بذلك تستطيع أن تعرف حقيقة الخطاب الذى كان معه فى نفس اليوم دون إنتظار يوم أخر – وأنهت ليلى المحادثة مع مهجة –
رواية وشاءت الأقدار --- لها بقية
جمال ابراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق