القصة القصيرة
أيام تلد أيام
أذن الفجر فأسرع الى تلبية نداء الحق ، ولما إنتهى من الصلاة وأذكارها ، جرى أمام عينية شريط حياته تذكر طفولته كيف كانت ، في بيت بلا أب وأم تفعل كل شئ ، وأي شئ حتى لا يجوع أولادها وعاش طفوله كانت من الممكن ألا تجعله كما هو الأن ، فقد رأى وهو صغير أن أمه تأخذ لهم الطعام وتدفع الثمن قبلات للبائعين ، فهي جميلة تركها الأب الي الدنيا لعدم قدرته على الإنفاق عليها وعلى أولاده ، ولا يهمه كيف تدبر حالها ، ولا كيف تربي أطفال بلا معين لها إلا جمالها وجسدها ، رحل هو وأزاح عن كاهله المسئولية وظلت هي تتنقل بأولادها من غرفة الى غرفة ، ثم كان شارع الهرم هو العمل الذي استقرت فيه ، تحسنت الأوضاع عندها بعض الشئ ، وأنتقلت لأول مرة للسكن في شقة ، وصمم هو وكذلك أخواته على ضرورة أن لا يستسلموا للظروف ، ذاكروا وأجتهدوا، ورغم أن ظروف بطل القصة كانت تأهله ليكون أحد أولاد الشوارع الفاسدين ، إلا أن الله بفضله رعاه ، ومرت السنوات والأم تدفع جسدها ثمناً لكي لا يحتاج أولادها ، وفجأة ظهر الأب في حياتهم ، لم يشعر أحداً منهم بالحنين له ، ولا يريده أحداً أن يدخل حياتهم ، وتودد هو إليهم ، خصوصاً قد أصبح صاحب تجارة كبيرة ، ويركب سيارة بسائق ، إلا أن القلوب لا يفتحها إلا الذي خلقها ، ينظر الأبناء الي الأم ، وكم هي عانت وتحملت قسوة الحياة ، ودفعت ثمن سعادتهم ولم تمن عليهم بل كانت تسعد كلما تقدم أحدهم في علمه وحياته ، وماتت الأم ثم مات الأب ، ولأول مرة جمعهما الإبن في قبر واحد ، ومرت سنوات ليصيح الأبناء بفضل الله من الأعلام ، وسأل نفسه لماذا شريط هذه الأحداث يمر أمام عينية اليوم ، وهو قد نسي كل الماضي وكذلك أخوته ، تذكر أنه رأى طفل يعبث في صناديق القمامه يبحث عن شئ يأكله ، أو شئ ينفعه ، فقال: وهو يغادر سيارته الفارهه ، كان يمكن أن أكون مثله في يوم من الأيام ، ولكن الله سلم ، عاد من المسجد ليكتب الي رئيس الوزراء مشروع تتبنى به الدولة أولاد الشوارع ، ويصبح هذا أولوية لابد من الأخذ بها.
ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق